إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 29 ديسمبر 2016

أنواع الانتخاب

أنواع الانتخاب

للانتخاب أنواع متعددة وصور وطرق شتى، يقوم بعضها على نظريات ومبادئ مختلفة، هي:
 الانتخاب العام والانتخاب المقيد: إن ممارسة الانتخاب يمكن أن تكون حقًا لكل فرد في المجتمع أو أن تكون وظيفة تقتصر على الفئة المؤهلة لها من الشعب .
وعلى النظرية الأولى، الانتخاب حق، يقوم الانتخاب العام في حين يقوم الانتخاب المقيد على نظرية  الانتخاب وظيفة. وهذه النظرية الثانية قامت على أساس أن المواطنين فئتان، النشيطون الإيجابيون من جهة، والسلبيون غير المبالين الذين يجب إبعادهم عن ساحة الانتخاب من جهة أخرى
. وقد عدت الثورة الفرنسية الكبرى جميع أفراد الشعب متمتعين بحق المواطنية، أمَّا حق الانتخاب فيقتصر على الأكفياء منهم الجديرين بهذه المهمة. والمعايير كانت تختلف بين بلد وبلد وبين زمان وزمان. فكانت تقوم تارة على الملكية العقارية أو مقدار الثروة أو انتماء المواطن إلى طبقة معينة، وتارة أخرى على القدرة المالية التي يدعمها رسم التصويت، الذي يؤديه الراغبون في ذلك. ثم اقتصرت الشروط على أن يتوافر لدى الناخب حد أدنى من المال أو حد أدنى من التعليم أو كلاهما. وفي ظل الثورة الفرنسية كان السياسي بارناف
يؤكد أن مهمة الناخب وظيفة عامة يؤديها وأنها ليست حقًا مكتسبًا لأحد. لم تعمِّر نظرية الانتخاب
 وظيفة طوي ً لا وتلاشت وحلت محلها نظرية الانتخاب حق وذلك من واقع أن سلطة الشعب يجب أن يتمتع بها المواطنون جميعًا، فقيرهم وغنيهم، المتعلم منهم وغير المتعلم. وأن رغبة الشعب تتحقق في الانتخاب العام لأن جميع أفراده في المواطنية و الوطنية سواء، وأن النواب المنتخبين إنما يمثلونهم جميعًا، وأنه بقدر ما يكون الانتخاب عامًا يكون التمثيل صحيحًا وصادقًا.
 إن قصر الانتخاب على فئة من المواطنين أو جعله حقًا لهم جميعًا يقود إلى البحث في شخص هذا
المواطن الذي يمارس الانتخاب والشروط التي يجب توافرها فيه، وبديهي استبعاد الصغار. وُتعَدُّ السنَّ
المؤهلة للاقتراع، غالبًا، الثامنة عشرة أو الواحدة والعشرون. وتقصر أنظمة الانتخاب ممارسته على الذين
يحملون جنسية البلد دون الأجانب. وبعضها يحجب هذا الحق عن الذين يكتسبون جنسية البلد ما لم ينق ِ ض
زمن معين على تجنسهم. كما يحجبه عن المحرومين من الحقوق المدنية أو السياسية، بموجب أحكام قضائية.
وهذه الشروط التي ُتبعد عن صناديق الاقتراع عددًا كبيرًا من المواطنين لا تتعارض مع نظرية الانتخاب
العام حتى في المجتمعات التي تنكر على المرأة حق الانتخاب. وكان التساؤل يطرح دومًا، كيف يمكن
للانتخاب العام أن يكون عامًا بالفعل وواقعيًا إذا كانت المرأة التي تؤلف نصف المجتمع مبعدة عن صناديق
الاقتراع. وقد تطلب الاعتراف للمرأة بهذا الحق سنين كثيرة، وكانت البلاد الإنكلوسكسونية السباقة إلى ذلك
بدءًا من النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وتبعتها باقي البلاد منذ مطلع القرن العشرين. أمّا سويسرة فلم
تأخذ به إلا في عام 1971 ، وكانت فنلندة أول بلد أقر للمرأة بحق الانتخاب، في عام 1863 في مجال بلديات
، الريف، أما على الصعيد السياسي فقد أقرت لها به في عام 1906 ، وأقرت به الدنمارك في عام 1915
 وتأخرت بريطانية في ذلك حتى 1918 ، وجاءت بعدها كندا وألمانية وبلجيكة في عام 1919 ، ثم الولايات
المتحدة الأمريكية في 1920 ، أمّا فرنسة فتأخرت بإقراره حتى 1944 ، وقد منحت بعض الدول العربية المرأة
حق الانتخاب وكانت سورية ومصر سباقتين إلى ذلك (في منتصف الخمسينات) وسبقتا بذلك بعض بلدان
أوربة كسويسرة.
 الانتخاب المباشر وغير المباشر: الانتخاب المباشر هو قيام الناخبين بانتخاب ممثلي الشعب مباشرة من
بين المرشحين من دون وساطة، ويطلق عليه الانتخاب على درجة واحدة، وهو الشائع في أغلبية دساتير
العالم. أما الانتخاب غير المباشر فيقتصر دور الناخبين فيه على انتخاب مندوبين عنهم، ويتولى هؤلاء
انتخاب حكام الشعب ونوابه، ويطلق عليه الانتخاب على درجتين، وقد يكون على أكثر من درجتين. وكان
هذا الأسلوب متبعًا في كثير من البلاد، منها سورية التي رجعت عنه فيما بعد، ومازال رئيس الولايات
المتحدة الأمريكية ينتخب على درجتين. ويعرف الانتخاب غير المباشر بأن الذين يتولونه في النتيجة هم
أشخاص أكثر دراية وأهلية من عامة الناخبين، ويرى دوغي أن هذا الأسلوب يؤدي إلى اختيار
أفضل وأنه يخفف من حدة الصراعات الانتخابية ويضفي كثيرًا من الاتزان على الحركات الفكرية العنيفة،
ولاسيما في البلاد غير الناضجة سياسيًا واجتماعيًا.
إلا أن الانتخاب المباشر أكثر تمشيًا مع الديمقراطية وأكثر ضمانًا لحرية الانتخاب وصدق النتائج التي
تعبر عن الرغبة الحقيقية للشعب وعدم الضغط على الناخبين في حين يكون التأثير أيسر على الناخبين في
الدرجة الثانية لأن عددهم محدود. فض ً لا عن أن الانتخاب غير المباشر يبعد الصلة بين الحاكم والمحكوم.
ولذلك يتسع نطاق الانتخاب المباشر يومًا بعد يوم، ولاسيما في البلاد المتقدمة في النضج السياسي والثقافي.
الانتخاب السري والعلني: يقوم الانتخاب السري على مبدأ حرية الناخب وعدم إحراجه ووجوب توفير الجو الذي يكفل له هذه الحرية، وأن خير سبيل لذلك هو سرية الانتخاب التي تبعد عن الناخب تدخل السلطات العامة أو ضغطها أو تأثير الجماعة الدينية أو السياسية أو المذهبية التي ينتمي إليها ووعد أنصار بعض المرشحين أو وعيدهم.
إن تجارب الحملات الانتخابية وما كان يرافقها من محاولات لإفساد الناخبين كانت وراء دفاع مونتسكيو
عن الانتخاب السري بقوله إن الانتخاب العلني يمهد للأعيان وسراة القوم فرض رغباتهم
ا في ظل الأنظمة الثورية فإن الانتخاب العلني هو الذي كان غالبًا، وأكثر الانتخابات التي على الناخبين
جرت إبان الثورة الفرنسية جرت علنًا. وزعموا أن هذه العلنية هي وسيلة لإذكاء الشجاعة السياسية في
سلوك الناخبين، لكن خصوم الانتخاب العلني قالوا إن التصويت الذي كان يجري عن طريق رفع الأيدي إنما
كان ليضمن إيجابية النتائج وفقًا لرغبات السلطة، مذكرين بكلمة أحد زعماء الثورة الفرنسية روبسبيير إن العلنية هي حارسة الشعب ولعله يعني أنها حارسة الثورة. وقد أقرت جميع الأنظمة
الدستورية في البلاد العربية وفي غالبية الدول الأخرى مبدأ الانتخاب السري، وهو الأقرب إلى روح
الديمقراطية والأكثر ضمانًا لحرية الناخبين.
الانتخاب الإلزامي والانتخاب الاختياري: إن نظرية الانتخاب وظيفة تلزم الناخب تأدية هذا الواجب. وقال دوغي : » إن هذا الالتزام حي في وجدان الناس وسوف تتبنى القوانين في المستقبل هذا النظام  «ولم يتحقق هذا التكهن وإنما غلبت نظرية الانتخاب حق، الأمر الذي يترك للمواطن حرية استعماله أو إهماله ويبعد عنه أي ضغط قد يجره إلى التصويت لغير الجديرين، فض ً لا عن الصعوبة العملية في جعل الانتخاب إلزاميًا. إذ حتى لو اقتصر المؤيد على معاقبة المتخلفين بالغرامة فإن ملاحقتهم وهم كثر ومتابعة طرق التغريم ثم تحصيل الغرامة فيها من الصعوبة والإرهاق والكلفة ما يجعل الأسلوب عقيمًا، وكان هذا من جملة الأسباب في استبعاد إلزامية الانتخاب.
الانتخاب الفردي والانتخاب بالقائمة: في الانتخاب الفردي تقسم أرض الدولة إلى عدد من الدوائر مساو لعدد النواب ويمثل كل دائرة منها نائب واحد، ويصوت كل ناخب في دائرته لواحد من المرشحين فقط. أما في الانتخاب بالقائمة فتقسم الدولة إلى عدد صغير من الدوائر يمثل ك ً لا منها عدد معين من النواب، ويقدم كل ناخب قائمته بهذا العدد من بين المرشحين.
من خصائص الانتخاب الفردي تسهيل مهمة الناخب، فهو قادر على حسن اختيار مرشح واحد، لكنه
يكون أكثر تعرضًا للضغوط لصغر الدائرة. وتقتصر حملة المرشح على دائرة صغيرة وعدد محدود من
الناخبين فتخف عنه الأعباء والكلفة ويتمتع باستقلاله كام ً لا. إنما يلتزم دومًا مسايرة الناخبين حرصًا على
كسب أصواتهم في الانتخابات القادمة. أمَّا في الانتخاب بالقائمة فإن تعدد المرشحين يجعل الناخب في حيرة،
فقد لا يتسنى له معرفة عدد كاف من المرشحين ليمكنه المفاضلة بينهم فتفوته الدقة في الاختيار. إلا أن التأثير
على الناخبين صعب لكثرة عددهم واتساع رقعة الدائرة. كما أن الفائزين في الاقتراع يكونون أقل التزامًا
حيال ناخبي دائرتهم. ويلجأ المرشحون عادة إلى التكتل بحسب اتجاهاتهم أو انتماءاتهم الحزبية في قوائم
يطرحونها على الناخبين، ليكسب كل منهم مؤيدي شركائه في القائمة. وللانتخاب بالقائمة عدة صور:
القائمة الجامدة أو المغلقة يكون على الناخب أن يختار من القوائم المطروحة إحداها كما هي.
القائمة التفضيلية وللناخب أن يبدل في ترتيب الأسماء في القائمة التي يختارها.
ولا يتقيد النائب بقائمة كما هي إنما يؤلف قائمته من المرشحين كما يشاء. panachée القائمة المختلطة
ويقتصر الناخب على عدد من الأسماء يقل عن المطلوب انتخابهم. وبعض incompléte القائمة الناقصة
الأنظمة تسمح للناخب بذلك وبعضها الآخر لا يسمح به.
الانتخاب بالأغلبية: يكون الفوز في نظام الأغلبية للمرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات. وتظهر
هذه الأغلبية في ثلاث صور:
الأغلبية النسبية أو الضئيلة: وفيها يفوز المرشح الذي يسبق غيره. وفي الانتخاب بالقائمة، تفوز القائمة
التي تسبق غيرها في عدد أصوات المقترعين.
الأغلبية المطلقة: يشترط في المتفوق - مرشحًا أو قائمة - الحصول أيضًا على أكثر من نصف
الأصوات، وإلا أعيد الاقتراع ولو مرارًا. وفي عام 1953 عند انتخاب رئيس للجمهورية الفرنسية تكررت
إعادة الاقتراع ولم يعلن الفوز إلا بعد الجولة الثالثة عشرة، لتعدد المرشحين وتشتت الأصوات. وبسبب
المتاعب التي تنشأ عن تكرار الإعادة وتناقص عدد المقترعين المرة بعد الأخرى، جرى تطوير هذا النظام
بأن أبعد عن الجولة الثانية المرشحون الذين لا يحصلون على نسبة معينة من الأصوات في الجولة الأولى.
وفي انتخاب رئيس الجمهورية أو في الانتخاب الفردي قصرت الإعادة في الجولة الثانية على اللذين
يحصلان في الجولة الأولى على أكبر عدد من الأصوات، إذ لابد من أن ينال أحدهما أكثر من النصف مهما
تقاربت بينهما النتائج. وذهب بعض الأنظمة إلى الاكتفاء في الجولة الثانية بالأغلبية النسبية.
الأغلبية المئوية: وذلك عندما يشترط حصول المرشح - أو القائمة - على نسبة مئوية معينة من
الأصوات كأن تكون ثلاثين أو أربعين وربما ستين أو سبعين في المئة أو غير ذلك.
التمثيل النسبي: عاب فريق من رجال الفقه على الانتخاب بالأغلبية أن الفائزين فيه لا يمثلون الشعب
يكفي أن يميل شخص واحد إلى نصف عدد المواطنين ليوليهم القيادة السياسية » : تمثي ً لا صادقًا. وقال دوغي وحرصًا على أن يكون التمثيل أقرب إلى الحقيقة ابتكر نظام التمثيل ويبقى النصف الآخر على هامشهاالنسبي لجعل التمثيل شام ً لا جميع فئات الشعب قدر الإمكان.
وهو الحاصل من تقسيم عدد المقترعين في quotient « حاصل القسمة » ويقوم هذا النظام على قاعدة
الدائرة على عدد المقاعد المخصصة لها. - مثال ذلك دائرة خصص لها 12 مقعدًا وعدد المقترعين 240 ألفًا يكون حاصل القسمة فيها 20 ألفًا، أي يقابل كل 20 ألف صوت مقعد واحد - وتفوز كل قائمة بمقعد واحد عن من الأصوات التي نالتها. وفي إلا أن ثمة مشكلة حسابية تعترض هذه الطريقة وهي مصير الكسور الزائدة كما لو حصلت قائمة على 47 ألف صوت إذ تبقى 7 آلاف من دون مقابل. ومجموع كسور القوائم يقابله عدد من المقاعد لا يجوز بقاؤها شاغرة. وتفتقت الأذهان عن طرق حسابية متعددة لتخصيص المقاعد الباقية تتضمن إجراءات حسابية فإذا بقي مقعدان من التخصيص لأعلى الكسور » مطولة ومعقدة. وخير هذه الطرق وأسهلها هي طريقة دون تخصيص مث ً لا أعطيا للقائمتين صاحبتي أعلى الكسور. لا ريب في أن التمثيل النسبي أقرب إلى العدالة
إذ تتمثل فيه جميع الاتجاهات والأحزاب بأعداد تتناسب وعدد مؤيديها. كما أنه مدعاة لتنشيط المعارضة
وبعث الحرارة في صفوف الأكثرية الحاكمة وحثها على العمل المنتج. ولم يكتب لهذا النظام الانتشار، وقليلة
هي الدول التي أخذت به. ولم يأخذ به أي بلد عربي. وبقي في الطليعة نظام الأغلبية الذي يرى فيه إسمن
الاستقرار في العمل التشريعي والإدارة التنفيذية في حين يرى في التمثيل النسبي الفوضى Esmein
والمهاترات.